شبه قصائد
ادريس امجيش
(١)
أتقلّد قناعًا وأخرج،
يتضبّب بصري،
فالهواء بخارٌ حولي،
تَجري الغمامة البيضاء على الأرضيةِ المرآةِ،
ممسوسةً،
مذعورةً،
تفتقد الغائبين عن الدار،
تختار لنومها فَرشًا أبيض بعبق أحد السّاكنين،
ملاذٌ يومَ الفراغ،
عابرٌ،
ولكن،
تَجوسُ، خلاله، ذكرى من كان يومًا هنا.
(٢)
إذا كان البطّ يُهرطق، ما يفعلُ الإنسان؟
أنا من الجنوب العالمي،
والجنوب العالمي مِني،
أمشي على أرضٍ منكوبة بالرمال،
أجلس على كراسيّ مثقوبةٍ بالأحمال،
أتحلّق مع المتحلقين حول حوانيت الخبز،
أرفع صوتي في وجه الطائرين بسياراتهم إلى منافي الرأسمال،
أرسم الأحلام بريش مقصوص الأطراف،
ثم أطويها، غضبًا، لعنةً على الكراسي وأصحابها،
وبعد هذا كله، أعود أدراجي، مثقلاً، إلى غرفةٍ
تَسَع الفراغ، والضجيج، والعفونة، والعناكب،
ولا تسع الأحلام.
(٣)
يَحدثُ،
في أيام الله المتدفقة،
أن تتنزّل السكينة بغير إنذار،
أشعر بارتخاء في أكتافي،
على غير المعتاد،
أو على الأدق،
بخفة تُنسيني الثقل المشدود إليها على الدوام،
نظراتٌ خاطفة،
ولكن مستغرقة وفاحصة،
تلتقط أثير صور وكلمات،
بصلٌ أبيض هنا،
نُوكْسْ هناك،
جلابيب يتمسح فيها نسيم رطب،
وسلام دافئ، ثَمّ، قرب عربة الربيع،
سمعي أيضًا يرهف،
دراجة تُسرع لتلحق بشيء ما،
طَرَقاتُ مطرقة تدكّ أرض غرفة ما،
سِباب في وجه تزمت امتحانات ما،
شتم ثقل دَلّاحة حمراء ما،
وتحية غير مردودة من أعين مُسودّة،
على الكرسي،
أو واقفًا،
أتذكر جاهدًا الكلمات والصور،
أُقيّدها في تطبيقٍ يُغالط التاريخ مع كل تنقيح،
ثُمّ تَقطع هِرمِسْ المشهد،
واثقةٌ هذا اليوم،
تتمسح بكعبي،
أُربّت على ظهرها المعدوم الزّغب بعد تشذيب البارحة المُبنِّج،
تتكوّر على حافة سجادة كَسَرت ظهر كثيرين إلا غاسِلتها،
ولكنها لا تستكين،
لعلها لا تعرف بعدُ من تكون،
لعلها، بالفقد، فقدت أَنَاها،
جلدها،
جلستها،
مذاق الزغب في لسانها،
وحتى البراغيث التي شكّت أمي أنها مقيمة على رأسها،
لعلها فقدت، مثلي، نفسها،
في صور،
وفي كلمات قيلت أو كان ينبغي أن تقال.
ادريس امجيش، مترجم وكاتب. يمكن متابعة حسابه على @DAmjich