تأملات في ما مضى
إزرا باوند
ترجمة: فاطمة الحارثي
ممنوعات في الكتابة
الصورة في الكتابة هي التي تقدم مركبًا ذهنيًا وعاطفيًا في لحظة زمنية محددة. أعني هنا استخدام مصطلح "مركب"، كما يرد في استخدام علماء النفس المعاصرين مثل هارت، وإن كنت أختلف تمامًا معهم في تطبيق المفهوم. كيفية تقديم المركب بعفوية هو ما يمنح إحساس التحرر المفاجئ والانطلاق من قيود الزمان وحدود المكان—ذلك الإحساس بالنمو المفاجئ الذي نشعر به في حضرة أعمال فنية عظيمة.
من الأفضل أن تقدم صورة واحدة مميزة خلال حياتك بدلًا من أن تكتب كتبًا عديدة خالية من الجوهر.
بالطبع، كل هذا قابل للنقاش، ولا شك في ذلك. أرى ضرورة ملحة لتحديد قائمة بالممنوعات لمن يرغب في بدء كتابة الشعر، لكن لا أستطيع أن أدعي النفي المطلق على هذه القائمة.
أولًا: عليك تبني ثلاث أساسيات في الكتابة:
المعالجة المباشرة للموضوع دون إخبار مفرط.
الاقتصاد في استخدام الكلمات.
تسلسل العبارة الموسيقية.
لكن لا تتخذ من هذه الأساسيات مبادئ صارمة، بل تعامل معها كنتيجة للتأمل الطويل، حتى لو كان تأملًا في نصوص كتبها الآخرون، فهي تستحق الاعتبار.
ثانيًا: لا تعر اهتمامًا لنقد الأشخاص الذين لم يكتبوا بأنفسهم أعمالًا جديرة بالملاحظة. وتذكر دائمًا المفارقات بين الكتابة الفعلية لشعراء الإغريق وكتاب المسرح، وبين النظريات التي وضعها النحويون الإغريق والرومان لشرح الأوزان الشعرية.
اللغة
لا تستخدم كلمة زائدة عن الحاجة، ولا صفة لا تضيف شيئًا ذا قيمة.
لا تلجأ إلى تعبيرات منمقة مثل "أراضٍ سلام باهتة"، لأن مثل هذه العبارات تُبهت الصورة وتمزج بين التجريد والمحسوس بطريقة مربكة. مثل هذا الخطأ ينشأ من عدم إدراك الكاتب أن المحسوسات الطبيعية هي رموز كافية بذاتها.
لا تعيد صياغة ما عالجه غيرك بشكل جيد نثرًا في قالب شعري متوسط. ولا تتوقع أن تخدع القارئ الذكي بنقل الفن الصعب من النثر الجيد إلى أسطر طويلة من القصيد.
ما يمله المختصون اليوم، سيمله الجمهور غدًا.
لا تفترض أن فن كتابة الشعر أبسط من الفن الموسيقي، ولا تتوقع أن ترضي العارفين بالأدب قبل أن تبذل الجهد نفسه الذي يبذله معلم البيانو العادي في تعليم الموسيقى.
تأثر بأكبر عدد ممكن من الفنانين العظماء، لكن امتلك النزاهة للإشادة بما تعلمته منهم أو ابذل جهدًا لإخفائه.
لا تدع التأثير ينحصر في تجميعك لكلمات منمقة لشاعر أو اثنين ممن تعجبك أعمالهم.
تم القبض مؤخرًا على أحد المراسلين الأتراك وهو يستخدم عبارات مثل "التلال الرمادية كالحمام" أو "الشاحبة كاللؤلؤ." لا أتذكر تمامًا ما قاله، لكن المغزى واضح: استخدم واحدًا من اثنين فقط في كتابتك: البساطة أو الزخرفة المتقنة.
إزرا باوند (1885-1972) شاعر أمريكي وشخصية رئيسية في الحركة الحداثية. عُرف بريادته لأسلوب الشعر التصويري، الذي ركز على الدقة، واقتصاد اللغة، والصور الواضحة. يعد عمله الأشهر، "الأغاني" (The Cantos)، انعكاسًا لثقافته العميقة وإشاراته الثقافية المعقدة. ساهم باوند في تشكيل مسيرات أدبية لشخصيات بارزة مثل تي. إس. إليوت وجيمس جويس، لكن دعمه للفاشية الإيطالية خلال الحرب العالمية الثانية أدى إلى اعتقاله وخلق هوية مثيرة للجدل. رغم ذلك، فإن تقنياته المبتكرة وتأثيره العميق على أدب القرن العشرين جعلاه شخصية رائدة ومؤثرة في الشعر الحديث. هذا المقتطف من نصه الذي نشر عام ١٩١٨ بعنوان: تأملات في ما مضى.