top of page

أرشيفٌ للعلاقات المؤلمة

مي المغربي

(١).
بداخلي تفاصيل من علاقات -شبه إنسانية-سابقة.
ربما هي ليست تفاصيل، إنما فتافيت منثورة بداخلي
تعكر كل لحظة آمنة أمُر بها.
رغم ذلك،
أرفض تدخل العلاج النفسي أو الرقية الشرعية في كنسها خارجي.
لا أشتاق لهذه العلاقات، لكني أرفض التعافي منها بهذه السهولة،
أن تنسحب مني هذه الآلام كأنها لم تكن.
أحلم بإعادة تدوير هذه الفتافيت،
أبللها بالماء لتصبح كورًا صغيرة صالحة للخَبز،
أمضغها، ثم أبصقها على الأرض
وندوس عليها جميعا، وعن قصد.

(٢).
لست مبذرة، لكني أصرف معاشي كما صرفت ورثي.
أُركّب للفلوس أجنحة حتى تطير،
أرفض التبرع أو التصدق أو إخراج زكاة العيد،
لأني أريد أن ينقطع عمله من هذه الدنيا.

كانت فلوس الميراث إهانة لي،
فلوس العتق.
كل صفعة كانت بحوالي ثلاثمائة جنيه،
الشتائم كانت تقدر بمائة جنيه
وأثار الجروح التي نتجت من الحزام والخرطوم والشمع، كانت بحوالي ألف جنيه.
أما الاهتزاز النفسي وانخفاض القيمة الذاتية، التردد ونتف الشعر وقضم الأظافر،
وعدم القدرة على اتخاذ القرارات
فكانت بربع جنيه،
عندما صرفت أول شيك من ميراثي سألوني في خدمة العملاء: دماء من التي كُتب بها الرقم؟

(٣).
من أعطى رنة الهاتف قدرة اجترار كل الخضات
التي مررنا بها في بيوتنا؟
زعيق يأتي بشكل غير متوقع من غرفة بعيدة عن غرفتك، كما رنة الهاتف. وبينما أنت في الطرقة مهرولًا، يمر شريط حياتك المليء بكوارث ساذجة.
تكمل هرولتك ناحية الصوت، لترى ماذا حدث. وتتمنى ألّا تكون بطل المشكلة، وأن يكون أخاك.
تخيل! مجرد صوت جعلك تتمنى لأخيك الشر. لكنك تريد إراحة كتفك من لسعات الحزام، وفي نفس الوقت تتمنى أن ينقطع الحزام وأن ينجو أخوك.
النجاة بنفسك على حساب الآخر الذي تحبه، هو أول خطوة تجاه الارتباك العاطفي، أو الارتباك في العموم.
كبرت، وفي كل مرة يرن الهاتف أسأل نفسي، كيف سأنجو هذه المرة ومعي أخي؟

(٤).
النرجسيين ذهبوا لنفس المدرسة.
أو أن هناك مصنعًا ينتج رجالًا مهزومين
ممسكين بمشارط حادة،
محترفين في تحطيم الفتيات التي تشبه أو لا تشبه أمهاتهم.
أعترف أنني دخلت في علاقات عاطفية لا لشيء سوى لأكتب قصيدة
تبدأ، وتؤكد أن النرجسين ذهبوا لنفس المدرسة.

(٥).
حول رقبتي علامات من طوق قديم
وفي يدي أثر خياطة.
مبايضي متكيسة، فينمو شعري في أماكن لم أعرف أن بها مسامات.
مازلت خائفة من أن يسألني أحد عن ما جرى!
لكن كل يوم في التاسعة صباحاً عندما أستيقظ فزعة،
أُمشي أصابعي على هذه الآثار، هذه العلامات تقول أننا لم نعد هناك.

(٦).
كل الذين قابلتهم أخبروني أن علي فعل شيء للحصول على ما أحتاجه
مثل: العمل، ممارسة الجنس، أو السكوت.
لا أعرف كيف أدركت أن السعادة والحب والقبول
بالمجان!
وكأنها تعويذة حينما تدرك قيمتك!
فتأتي الأشياء بالمجان.

bottom of page