top of page

كلمة رئيس التحرير

 

     كان لصاموئيل بتلر مذكرات يكتب فيها تأملاته اليومية وكل ما يظن أنه لا يستحق النشر، ثم بعد أن توفي جمعت مذكراته في كتاب ونشرت. وكأن للكتابة عهدًا مع النشر، فمتى ما دوّن شخص شيئًا ما على ورق، لزمه أن تلتصق مذكراته باسمه خصوصًا بعد رحيله.

     قبل أسبوعين أخبرني أحد الطلاب أن المتعارف عليه أكاديميًا أن الطالب الذي لا يكتب جملاً طويلة ومعقدة، ليس بكاتب جيد. أخبرته أن العكس صحيح خصوصاً في الآداب والعلوم الإنسانية فكلما كانت الجمل أقصر ومباشرة، كان وقعها أكبر. من المؤسف أن ترتبط الكتابة بالتعقيد. كم من مقال، خاطرة، قصة، أو قصيدة ظلت حبيسة مذكرة ولم تجد النور بعد لأن صاحبها ظن أن كتابته غير مجدية أو لأن أول قرائه سدد له نقدًا جارحًا.

 

      في عددنا لشهر سبتمبر تتراوح النصوص ما بين الحديثة والكلاسيكية. بدءًا من ترجمة يوسف رخا لمقطع من كتاب النادي والهلوسات التي كانت تلازم كاتب القرن الثامن عشر صاموئيل جونسون، مرورًا بمذكرات صاموئيل بتلر عن السعادة، وقصيدتي طاغور الروحية، ثم انتهاء بقصة للأب الروحي للجمل القصيرة في الأدب الأمريكي إرنست هيمنغواي.

 

     مثل روز  في رواية كارول إدجاريان التي لا تفضل التفكير في البشر كأعراق ودول، وغزالة جوخة الحارثي التي تجد في السباحة متنفسًا حتى وإن اختلفت البقعة من فلج إلى بحر، فكذلك مساهمو هذا العدد، كلهم وإن اختلف مسار كتابتهم الأدبية يتفقون على أن الفن لا يخضع للحدود الإقليمية أو الاعتبارات العرقية. متعب الرمالي يسرد لنا سيرة من حياته التي هي أبعد ما تكون عن العبث منها للتنوير، و محمد الراشدي يصوّر في قصة حوارية مأساة عدم تقبل الأفكار الجديدة. وبينما تتمنى الشخصية الرئيسية في قصة ابتهال أبو علي فناءها من الوجود، تسهب راوية قصة حضية خافي في حالتها بعد الموت، فنرى في القصتين ضدين: شخص ينشد عدم الوجود، والآخر يندب الفناء. 

     أما في القصيدة، فالأمل يصدح من أبيات عبدالعزيز الأزوري، الأنثى تصمد في قصيدة الشاعرة روضة الحاج، وصرير القلم مستمر عند وئام عصام. 

وكذلك ننشد القلم أن يكون لديكم جميعًا دؤوبًا لا يتوقف. 

 

فاطمة الحارثي 

سبتمبر ٢٠٢١

bottom of page