top of page

     

كلمة رئيس التحرير

في اليوم الثامن عشر من شهر فبراير لعام ١٩٢٢، كتبت فيرجينيا وولف في مذكراتها: "قررت ألا أصبح مشهورة. سأكتب فقط الشيء الذي أحب، وليتحدث الناس كما شاؤوا." بعد ستة أشهر، كتبت: "مما لا شك فيه أنني عرفت كيف أقول شيئًا بصوتي، وهذا يهمني لأنني أشعر أنه بإمكاني المضي قدما من غير ثناء." كانت أربعون عامًا. 

     قبل ثلاثة أعوام في صيف مثل هذا وبينما أجلس مع ما يقارب الثلاثين شخصاً من طلاب الماجستير والدكتوراة في جامعة ولاية فلوريدا لنبدأ تأهيلنا الصيفي المكثف لتدريس طلاب البكالوريوس في ذات الجامعة، كان بيننا إيريك في الخامسة والستين من عمره وعندما سألنا البروفيسور ماذا يود كل واحد منّا أن يقول لجدته، قال إيريك: "جدتي ماتت منذ زمن بعيد لكنني متأكد أنها تسمعني. سأقول لها أنني فعلتها، وأنني لازلت أُكمل دراستي، متأكد أنها لم تكن لتتوقع أنني سأصل لهذا البُعد."

     ما أريد قوله أن العُمر لا يهم مادامت هناك رغبة لتحقيق هدف معين. هدف إيريك أن يكتب قصصاً وروايات جيدة ولهذا انضم للبرنامج بغض النظر عند تجاعيد وجهه وتقوّس ظهره ونظرات من حوله ممن هم في منتصف العشرينات. 

     بشكل أو بآخر ما يجمع بين نصوص العدد الأول من مجلتنا هو الصوت الفردي لكل كاتب، فالمتحدث في قصيدة الشاعر جاسم الصحيح يُخاطب محبوبته ويتحدث عن فارق العمر، وقاسم حسين في قصة يان سلاورهوف من ترجمة الأستاذة القديرة ميادة خليل يجد نفسه مع التجرد المادي. وبينما تُفصّل لنا هيفاء المحمادي يومًا رمضانيًا من الثمانينات الميلادية في مقالها الشخصي، نجد مريم الحارثي تصور لنا فردية فتيات الزمن الحاضر في قصتها القصيرة. مهما كان ميلك القرائي، نأمل أن تجد في نصوص العدد ما يُمتعك. اقرأ قصيدة المهاجر للشاعر تامر إسماعيل كحوار فردي بين المتحدث والحبيب المصطفى صلّى الله عليه وسلم، وقصيدة العريك كمونولوج يخاطب فيه المتحدث أبا العلاء المعريّ. اشعر باختناق كمال في قصة عمر الجضعي، وتأمل بناء السور بين مختلفي الدين والعرق في قصة ولاء تكروني. وإن كان مصطلح المقالة ثقيل عليك، عرّج على مقال الأستاذ الكبير زيد الحمداني فتعرف وقتها أنه لا يشترط أن تكتب مقالاً أكاديمياً أو نقدًا موضوعياً لتكون كاتباً. 

     وإن أردت أن تبدأ، ضع في ذهنك خاتمة تُرضيك وحلّق مع كيڤن بلانكينشيب في مقاله عن اهتمامنا بالبدايات، كما هذه البداية في باكورة أعداد مجلتنا علّها تثريكم بنصوصها. 

فاطمة الحارثي

bottom of page