top of page

هل النشر الذاتي درب الحذرين؟

بشائر حلواني

النشر الذاتي الموضوع الذي لا نسمع صيتًا له، فهل السبب هو سهولة التعاقد مع دار نشر لتقوم بعملية النشر كاملة؟ أم أن النشر الذاتي صعب ولا يناسب الكثير من المؤلفين؟
بداية بالحقائق؛ سهّلت وزارة الإعلام السعودية ومكتبة الملك فهد الوطنية النشر الذاتي، وجعلت من طلب الخدمة تجربة سهلة. ومن واقع تجربتي في النشر الذاتي، أجد أن أفضل مميزاته هو الفهم الكامل لعملية النشر. فبعد تدقيق العمل؛ كل ما على المؤلفين فعله هو طلب الفسح من وزارة الإعلام السعودية، والتي تقدم عدة قوالب وأشكال للفسح. كالتي طلبتها لعملي الأدبي الاثنا عشر – سلسلة روائية للجيب، كتاب ورقي وكتاب إلكتروني. وبعد قبول الطلب؛ يرفع طلب الردمك من مكتبة الملك فهد الوطنية. وبعدها؛ ينسخ الردمك ويلصق في الكتاب وعلى الغلاف الخارجي، ثم تجهز متطلبات الإيداع كما هو مطلوب من مكتبة الملك فهد الوطنية، ثم يرسل الظرف بالبريد.
شخصيًا؛ أجد اتباع هذه الخطوات أسهل من انتظار رد من دور نشر تقع خارج مدينتي مكة المكرمة. فالفسح وطلب الردمك مجاني؛ وأما الإيداع فالمقابل هو سعر خدمة الطباعة والشحن، إذا كان الناشر الذاتي من خارج مدينة الرياض، كحالي.
وكما ذكرت؛ فالخطوات السابقة سهلة جدًا حتى نصل إلى النشر والتوزيع، ففي النشر الذاتي على المؤلف أن يكون ذا علاقات حتى يستطيع بيع نسخة واحدة. في الوقت نفسه؛ لا أقول إن لا أحد ينشر ذاتيًا، بل هناك الكثير من المؤلفات المنشورة ذاتيًا في مكتبة الملك فهد الوطنية وفي ركن المؤلف السعودي، ولكني لا أجد مقالات كافية من الناشرين الذاتيين. ولعلي أظن أن السبب هو عدم وجود مشاكل في النشر الذاتي، فالمؤلف هو الناشر الذي بغالب الحال سيكون حذرًا في كل خطواته.
فحتى لو كانت هناك قضايا رفعت من الناشر الذاتي، فأغلب الظن ستكون في انتهاك حقوق النشر. فأنا عن نفسي؛ أقرأ الكثير عن قضايا المؤلفين مع دور النشر والتي أجدها في العالم الغربي، الذي شجع على النشر الذاتي من خلال خدمة الطباعة عند الطلب. والكتب الإلكترونية التي تقرأ من الأجهزة ولا يمكن تنزيلها، والتي تحد من القرصنة الرقمية. التي تحاربها الهيئة السعودية للملكية الفكرية بدورها؛ مع تقديم خدمات تسجيل المصنفات المكتوبة؛ ومع توعية المؤلفين بحقوقهم بدورات عن حقوق المؤلف، والحقوق المجاورة.
فالتغيّر التقني غيّر الكثير من معالم النشر والتوزيع؛ والذي قامت وزارة الثقافة السعودية المتمثلة في هيئة الأب والنشر والترجمة بمواكبته، عن طريق تقديم الكثير من المبادرات لدعم الأديب السعودي كمبادرة النشر الرقمي. التي أجدها تسهيلًا مشجعًا للمؤلف ليجرب طريقًا غير الطريقة الاعتيادية في النشر، ولا أنكر أنني ممن يحاول مواكبة هذه التغيرات ولكن بحذر. فقد عثرت على مجموعات خاصة على وسائل التواصل الاجتماعي، ومواقع يمكن العثور عليها من محركات البحث؛ تنشر كتبًا في صيغة ملفات PDF، وهي الصيغة التي يمكن تنزيلها وحفظها ونسخها. ولا علم لي إن كانت بإذن أصحابها أم لا، فمنها ما هو قديم ولمؤلفين كبيرة أسماؤهم. فهل أصبحت هذه المؤلفات ممتلكًا عامًا أم أن هناك حقوقًا للنشر لم يسأل عنها صاحب الأمر؟
فتحدي القرصنة للأسماء الكبيرة وللأسماء الجديدة ما زال موجودًا، ولكن هناك فارق؛ فالأسماء الكبيرة أعلى قيمة بسبب سهولة البحث عنها. وأما الأسماء الجديدة في الساحة، فلا تزال بحاجة إلى تسويق اسمها.
فتسويق الاسم يختلف عن تسويق الكتاب، وهو أمر لم أدركه حتى بدأت في النشر الذاتي. والذي يمكن حله عن طريق طلب عضويات في جمعيات أدبية، والمشاركة في الكثير من الندوات والأمسيات الأدبية. عدا أن الوقت لا يسع الناشر الذاتي، فهو مثقل الكاهل بمسؤولية تنظيم دائرة النشر والتسويق لكتابه، والتي أصبحت أصعب مع مرور الوقت. في حين يدفع المؤلف المتعاقد مع دار نشر مبلغًا مقابل خدمة التسويق لكتابه، ولكن لكل شيء ثمن؛ فتسويق الكتاب قد يعني في بعض العقود تقاسم الجائزة في حال الفوز في مسابقة، كل هذا تحت مدة زمنية محددة.
عودة إلى الناشر الذاتي الذي ليس لديه علاقات تساعده على تسويق كتابه، هذه الحقيقة وحدها تعني أن الناشر الذاتي هو مؤلف جديد في الساحة الأدبية. وهذا يذكرني بنقد زملائي الكتاب على النشر الذاتي، فهم يفضلون التعاقد مع دار نشر لأن العلاقات موجودة وهذا يعني وصول مؤلفاتهم على رف مكتبة معروفة؛ "فما يصل بسهولة إلى اليد يمكن شراؤه"، هذا اعتقادهم. ولكني لا أوافق الرأي القائل " خمسون بالمئة هي احتمالية أن يشتري القراء كتبًا معروضة أمامهم في مكتبة معروفة"، بل أميل إلى الاعتقاد أن فضول القراء يتبع المعروف مثل الكتب الأكثر مبيعًا.
ففي حين يحمل المؤلف المتعاقد مع دار نشر أملًا في بيع مؤلفاتهم بسبب وصولها إلى رف مكتبة معروفة، يحمل الناشر الذاتي الكثير من التساؤلات عن النجاح من عدمه. فهل النشر الذاتي هو درب الحذرين؟

بشائر حلواني كاتبة سعودية من مواليد عام 1995م من مكة المكرمة. تخرجت من قسم طبي، ولكن الأدب العربي كان ولا زال مادتها المفضلة. ألفت أول عمل أدبي بعنوان الاثنا عشر – سلسلة روائية للجيب، وشاركت في ركن المؤلف السعودي في معرض المدينة المنورة للكتاب 2023.

  • Instagram
  • Facebook
  • Twitter

© All Rights Reserved. Sard Adabi Publishing House 2025. جميع حقوق النسخ محفوظة لدار سرد أدبي للنشر©

bottom of page